ثلاثةٌ لا يُغلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمن

قال رسول الله ﷺ:
«ثلاثٌ لا يُغلُّ علَيهِنَّ قلبُ مؤمنٍ : إخلاصُ العملِ للَّهِ ، والنَّصيحةُ لوُلاةِ المسلمينَ ، ولزومُ جماعتِهِم ، فإنَّ دَعوتَهُم ، تُحيطُ مِن ورائِهِم» رواه ابن ماجه

قال ابن القيم:
«وقوله ﷺ: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم…»أي: لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة؛ فإنها تنفي الغل والغش ومفسدات القلب وسخائمه. فالمخلص لله إخلاصه يمنع غل قلبه، ويخرجه ويزيله جملة؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه؛ فلم يبق فيه موضع للغل والغش…

وقوله: «ومناصحة أئمة المسلمين»: هذا ـ أيضا ـ مناف للغل والغش؛ فإن النصيحة لا تجامع الغل إذ هي ضده؛ فمن نصح الأئمة والأمة فقد برئ من الغل. وقوله: «ولزوم جماعتهم»: هذا ـ أيضا ـ مما يطهر القلب من الغل والغش؛ فإن صاحبه ـ للزومه جماعة المسلمين ـ يحب لهم ما يحب لنفسه…


وهذا بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم لهم…فهؤلاء أشد الناس غلا وغشا بشهادة رسول الله ﷺ والأمة عليهم، وشهادتهم على أنفسهم بذلك؛ فإنهم لا يكونون قط إلا أعوانا وظهرا على أهل الإسلام، فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته…


وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم، ومن لم يشاهد فقد سمع منه ما يصم الآذان ويشجي القلوب. وقوله: «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم»هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنى، شبه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوهم عليهم، فتلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام وهم داخلونها…


لما كانت سورا وسياجا عليهم أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم، فالدعوة تجمع شمل الأمة وتلم شعثها وتحيط بها؛ فمن دخل في جماعتها أحاطت به وشملته»

[مقتبس من «مفتاح دار السعادة» باختصار (١/ ٢٧٧ ـ ٢٧٨)]

موسوعة “محمد رسول الله”

اكتب تعليقًا